السلام على كل من يقرأ هذا الموضوع و رحمة الله و بركاته
و
لا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس و الفضة و غيرهما ، و جلاؤه بالذكر ،
فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء ، فإذا ترك الذكر صدأ ، فإذا ذكر
جلاه.
و صدأ القلب بأمرين : بالغفلة و الذنب ، و جلاؤه بشيئين : بالإستغفار و الذكر.
فمن
كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكبًا على قلبه ، وصداه بحسب غفلته ،
وإذا صدأ القلب لم ينطبع فيه صور المعلومات على ما هي فيه ، فيرى الباطل
في صورة الحق ، و الحق في صورة الباطل ،لأنه لما تراكم عليه الصدأ أظلم ،
فلم تظهر فيه صور الحقائق كما هي عليه ، فإذا تراكم عليه الصدأ و أسود ، و
ركبه الران ، فسد تصوره و إدراكه ، فلا يقبل حقًا ، و لا ينكر باطلاً ، و
هذا أعظم عقوبات القلب.
قالوا : القلب ملك ، و الأعضاء جنوده ؛ فإذا صلح القلب ، صلحت الرعية ، و إذا فسد ، فسدت.
و لقد صدق القائل :
وإذا حلت الهداية قلبًا ****** نشطت للعبادة الأعضاء
و
لقد كان الصالحون يخشون أن تشغل قلوبهم بغير الله ؛ فإذا أحبوا شيئا من
الدنيا ووافق هواهم تركوه خوفا من أن يشغلهم عن ذكر الله ، إذ أن كل من شغل
بشيء أحبه ، و إذا شغل الإنسان بحب الدنيا انشغل بها قلبه عن حب الآخرة.
وأفضل الدعاء لعلاج القلب من الآفات و النقائص و القسوة و الصدأ أدعية الرسول صلى الله عليه و سلم :
اللهم مصرف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك" (أخرجه مسلم)
وعن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان يكثر من قوله "يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على طاعتك".
فقالت
عائشة : إنك تكثر أن تدعو بهذا الدعاء ، فهل تخشى ؟ ... قال : وما يؤمنني
يا عائشة و قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الله، إذا أراد أن يقلب قلب
عبد قلبه " ( أخرجه الحاكم
و لهذا كان دعاؤه صلى الله عليه و سلم :
" يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك " ( أخرجه الترمذي(
يقول رسولنا صلى الله عليه و سلم :
إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، و إذا فسدت فسد الجسد كله ألا و هي القلب " ( متفق عليه)
من
حق القلب علينا أن نحصنه من الآفات ....بتلاوة القرآن عن وعي و إدراك ، و
بالصلاة التي تستغرق العقل و الوجدان ....و بذكر الله الذي يتجه فيه
الإنسان بقلبه و جوارحه إلى مولاه الخالق الرحمن .
فاللهم إنا نسألك
بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن ترينا الحق حقاً وتوفقنا لاتباعه وترينا
الباطل باطلاً وتوفقنا لاجتنابه ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل.
اللهم آتِ
نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها اللهم إنا نسألك
البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم إنا نسألك علماً نافعاً وقلباً
شاكراً ولساناً ذاكراً اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع
ومن عين لا تدمع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا تسمع.
اللهم أبرم لهذه
الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية الذين هم أهلها
ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء.
اللهم آمنا في الأوطان والدور وأصلح اللهم ولاة الأمور واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم
هب لنا منك دواء يذهب منا كل داء وامنحنا قوة في الأخذ وسعة في العطاء
وهمة في القصد ويقظة في الدعاء وقوة في الصبر على البلاء وكمالا في الرضا
بالقضاء وسعة الصدر في معاملة الخلق ومبادرة بالتوبة قبل فوات الوقت وجمال
الستر في الحياة وعند الموت وسعة القبر عند الوفاة وسعة المغفرة عند الحساب
ونور وجوهنا بالحياء ولا تخزنا يوم العرض واللقاء اللهم احفظ قلوبنا من
القلق والاضطراب وطهر أفكارنا من الشك والارتياب يا علام الغيوب اللهم أدم
بفضلك نعمتك علينا والطف بنا فيما قدرته علينا اللهم أعطنا من واسع رزقك
الحلال ما تصون به وجوهنا عن التعرض لذل السؤال أنت المعطي الوهاب الرزاق
بغير حساب اللهم إنا دعوناك ثقة في كرمك وطمعا في رحمتك وسعيا وراء مرضاتك
فما غير وجهك قصدنا ولا إلى غيرك التجأنا أنت الكافي الكفيل والمولى الجليل
أنت ولينا في الدنيا والآخرة توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين