كثيرون
من يغيضهم نجاح الآخرين و تميزهم ، و كفاك أن تعاقب مثل هؤلاء ( المرضى )
بالمزيد من النجاح و الإصرار على العطاء بذات النفس ، ألم يقل المتنبي ذات
مساء :
إني وإن لمت حاسدي فما......أنكر أني عقوبـة لـهم
ولأن الغيرة في بعض المواطن تولد ( الحسد ) ، و الحسد في الأصل ناجم عن (
النقص ) ، فمن البديهي أن يتعرض ( أي مبدع ) للطعنات و ربما السب و الشتم ،
كتنفيس من هؤلاء ( المرضى ) عما يشعرون به من غيره و حسد تجاهه ، و مذمة (
الناقص ) للمبدع هي الشهادة التي قال فيها الشاعر :
و إذا أتتك مذمتي من ناقص......فهي الشهادة لي بأنـي كامل
فلولا ( تميز المبدع ) أو ( الناجح ) و في أي مجال لاما تعرض للحسد ، و
هكذا عرفنا من آبائنا و أمهاتنا أن ( الشجرة المثمرة هي التي تقذف بالحصى )
، و علمنا التأريخ أن ( كليب طعن من الخلف لأنه كان يسير في المقدمة ) ،
فالرجل الذي يشرب من ( الماء النقي ) يسر برؤية صورته الواضحة على سطح
الماء ، أما من يرتوي من ( المستنقعات ) فلا يسلم من القاذورات و لا يأمن
الانزلاق إلى قعر ما ارتوت منه نفسه . . . و من شيم النفس ( الطيبة ) و (
الواثقة ) عدم مجاراة ( مرضى الحسد ) ، لا عجزاً أو سذاجةً و إنما ترفعاً و
إعزازاً لهذه النفس :
إذا وقع الذباب على طعام......رفعت يدي ونفسي تشتهيه
ولا تـرد الأسـود مـاء......إذا كن الكلاب ولغن فـيه
فمحاربة ( كل ناجح ) هي مهمة ( كل ناقص ) ، و كل يمارس دوره و لكن باختلاف
الأدوات ، و يكفي ( كل ناجح ) أنه يصعد سلم النجاح بأريحية ، بينما يقبع في
الأسفل منه من يحاولون البحث و التفتيش عن أي ثغرات أو هفوات له :
وكم تطلبون لنا عيباً فيعجزكم......و يكره الله ما تأتـون والكـرم
و مع ذلك قد تضطر بالاعتذار للحساد ، كما أعتذر لهم أبا الطيب المتنبي ، حينما قال :
و للحساد عذر أن يشحوا.....على نظري إليه و أن يذوبوا
فإني قد و صلت إلى مكان.....علـيـه تحسد الحدق القلوب
اتمنى الموضوع ينال اعجابكم