إنها .. دمـــوع ..
حُكم عليها بالبقاء في زنزانة القسوة ,,
قُيدت بأغلال الغفلة ,,
وأُغلقت عليها أبواب خالية من الرحمة ,,
.. دمـــوع ..
تنتظر الإفراج عنها لتتناثر كالدُرّ المكنون ,,
لتعكس جمالاً يُضفي على صاحبها النقاء المدفون ,,
.. دمـــوع ..
طُعنت بخنجر الحرمان ,,
ففقدت قُدرة السير على الخدان ,,
.. دمـــوع ..
ترسبت في الجفون ,,
تشكو وتئن من قهر العيون ,,
.. دمـــوع ..
صرخت لسنوات عديدة ,,
تُريد أن ترى النور ,,
ليغشى النفس السرور ,,
وتفوز برضى الغفور ,,
لكـــن " من يفك " أسرهـــا ؟؟!!
ذلك القلب القاسي ,, حكم عليها بالإعدام ,,
فأوقعها في طريق المآسي ,, وأغرقها في وحل عصيان الرب ذي الإكرام ,,
ها هي تبث شكواها لكم ..
لكل عاقــل وعاقلــة ,,
أن يفك أسرها في جوف الليل ,, لمُناجاة ذي الجلال ,,
أن يكسر قيدها عندما تُحاصرهُ المعاصي من كل جانب ,, ليُخاطب القادر ,,
ويطرق بابهُ بالتوبة الصادقة ,, من الذنوب السابقة ,,
أن يَطَلقها عندما يُشاهد أخاً أو أختاً له في الإسلام يتعذّب بفقر أو مرض أو حُزن ,,
فيجعلها شفيعةً له يوم العرض على الرحمن ,,
أن يجعلها سبباً له في النجاة من النار ,, عند تلاوة القرآن ,,
فقد قال عز وجل :
"وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ " .. " المائدة : 83 "
وقال : {قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً*وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} ..
وقال : {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً} ..
ففي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ((عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله)) ..
وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعوده اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم))
همســة
فقسوة القلوب هي البلية ,, التي صورت الدنيا في حُلة بهية ,,
للأسف أصبحنا نبكي عندما نُشاهد قصة رومانسية ,, في القنوات الفضائية ,,
يُمثلها شر البرية ,, ليُحطم الأخلاق في النفوس الفضيلة ,,
فأذل الله القلوب .. بحبها للدنيا وتناسيها يوم الحشر وكشف المستور ..
قال الله تعالى : {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ}
أخيـــراً
هنيئاً لمن يُناجي ربهُ في خفية ,,
فتغشاهُ الرحمة والسكينة ,,
ويبث شكواهُ لخالق البرية ,,
فهل تكون ممن حاز بالأجر من الرب ؟!
وغفر له الذنب ؟!
ونجى يوم القيامة من الكرب ؟!
فهان عليه الخطب ؟!
فقد ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يروي عن ربه - جل وعلا - قال: ((وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين، إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة))