_البوصيري
هو شرف الدين محمد بن سعيد
بن حماد الصنهاجي البوصيري . ولد بقرية "دلاص" إحدى قرى بني سويف من صعيد
مصر، في (أول شوال 608هـ/7 مارس 1213م) لأسرة ترجع جذورها إلى قبيلة
"صنهاجة" إحدى قبائل البربر، التي استوطنت الصحراء جنوبي المغرب الأقصى،
ونشأ بقرية "بوصير" القريبة من مسقط رأسه، ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة
حيث تلقى علوم العربية والأدب. فحفظ القرآن في طفولته، وتتلمذ على عدد من
أعلام عصره.
نظم البوصيري الشعر منذ حداثة سنه وله قصائد
كثيرة، ويمتاز شعره بالرصانة والجزالة، وجمال التعبير،واشتهر بمدائحه
النبوية، كما كانت له تجارب في الهجاء ، ولكنه مال –بعد ذلك– إلى النُسْك
وحياة الزهد، واتجه إلى شعر المدائح النبوية.
وتعد قصيدته
"البردة" من أعظم المدائح النبوية، وقد أجمع النقاد والشعراء على أنها أفضل
المدائح النبوية بعد قصيدة "كعب بن زهير" الشهيرة "بانت سعاد".
وقد
أطلق البوصيري على هذه القصيدة البردة من باب المحاكاة لقصيدة كـعـــــب
بن زهير( رضي الله عنه) في مدح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد اشتهر
أن النـبي (صلى الله عليه وسلم) أعطى كعباً بردته حين أنشد القصيدة .
وقــــد ادعى البوصيري - في منامه( أن النبي صلى الله عليه وسلم)
ألقى عليه بردة حين أنشده القصيدة !! وسماها : "الكواكب الدرية في مدح خير
البرية"
وله أيضا القصيدة "الهمزية" في مدح النبي (صلى الله عليه وسلم)،
وهي لا تقل فصاحة وجودة عن بردته الشهيرة. وبالإضافة إلى هاتين القصيدتين
ترك البوصيري عددًا كبيرًا من القصائد والأشعار ضمّها ديوانه الشعري الذي
حققه "محمد سيد كيلاني"، وطُبع بالقاهرة سنة (1374 هـ= 1955م ومن أشهر
قصائد هذا الديوان :القصيدة "الخمرية"، وقصيدة "ذخر المعاد"، ولامية في
الرد على اليهود والنصارى بعنوان: "المخرج والمردود على النصارى واليهود".
وتُوفِّي الإمام البوصيري بالإسكندرية سنة (695 هـ/1295م) عن عمر بلغ 87 عامًا
مقطع من البردة:
مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم
أمن تذكــــــر جيــــــرانٍ بذى ســــــلم مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــــدم
َمْ هبَّــــت الريـــــحُ مِنْ تلقاءِ كاظمــةٍ وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضم
فما لعينيك إن قلت اكْفُفاهمتـــــــــــــــا وما لقلبك إن قلت استفق يهـــــــــم
أيحسب الصب أن الحب منكتـــــــــــم ما بين منسجم منه ومضطــــــــرم
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طـــــللٍ ولا أرقت لذكر البانِ والعلــــــــــمِ
فكيف تنكر حباً بعد ما شـــــــــــــهدت به عليك عدول الدمع والســـــــــقمِ
وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضــــــــنى مثل البهار على خديك والعنــــــــم
نعم سرى طيف من أهوى فأرقنـــــــي والحب يعترض اللذات بالألــــــــمِ
يا لائمي في الهوى العذري معـــــذرة مني إليك ولو أنصفت لم تلــــــــــمِ
عدتك حالي لا سري بمســــــــــــــتتر عن الوشاة ولا دائي بمنحســـــــــم
محضتني النصح لكن لست أســـــمعهُ إن المحب عن العذال في صــــــممِ
إنى اتهمت نصيح الشيب في عـــــذلي والشيب أبعد في نصح عن التهـــتـمِ