تعزى العديد من الامراض المرتبطة بالمياه في الدول النامية الى شرب الماء الملوث وضعف الاصحاح كالجفاف الناتج عن الاسهالات (جراء شرب المياه الملوثة) والذي يقدر بنحو 4 بليون حالة سنوياً فهو السبب في وفاة حوالي 2,2 مليون طفل دون سن الخامسة سنوياً وعادة ما تتفاوت خدمات المياه والاصحاح من منطقة الى اخرى وهي الاسوأ في المناطق الريفية خاصة في اسيا وافريقيا.
ففي بداية العام 2000 كان هناك 17% (1,1 بليون نسمة) من سكان العالم بدون موارد مياه آمنة 40% ( 2 - 4 بليون نسمة) من سكان العالم بدون اصحاح مناسب وكانت الخدمات في المناطق الريفية دون مستوى الخدمات في المناطق الحضرية اذ ان انتشار الامراض المنقولة بواسطة المياه يتناسب عكسياً مع تطهير المياه ويرتبط انتشار مرض الهيضة (الكوليرا) وامراض الاسهالات الاخرى بجودة المياه بالاضافة الى ان كلفة معالجة الامراض باهضة اذا ماقورنت بكلفة وضع الاجراءات الصحية الوقائية الروتينية مثل تزويد مياه امنه صالحة للشرب والنظافة الشخصية والاصحاح وفي بحث اعدته د. سلمى عبدالفتاح (اختصاص طب مهني وبيئي) تناولت الوسائل التي يتم بها القضاء على الفيروسات والطفيليات والجياردية في المياه قائلة:
ـ يتم القضاء على الفيروسات والطفيليات والجياردية في المياه عندما يتم الحفاظ على تركيز الكلور الحر (5 ملغم / لتر) لمدة ثلاثون دقيقة عند درجة حرارة لاتقل عن (5 درجات مئوية) ودرجة حموضته (ph) 6-7 وان جرعة الكلور المضافة يجب ان تكون كافية للقضاء على الجراثيم ولتحطيم واكسدة المواد العضوية وغير العضوية الموجودة في المياة ومن ثم تترك كمية من الكلور الحر المتبقي بعد (30 دقيقة) في وقت التماس (الوقت اللازم لقتل الاحياء الدقيقة وللتفاعل مع المواد العضوية الاخرى الموجودة في المياه) فالكلور المتبقي ذو اهمية بالغة في المحافظة على جودة المياه ويجب ملاحظة ان كمية المواد العضوية تختلف من مصدر ماء الى اخر وتبعاً لذلك فان جرعة الكلور المطلوبة للتطهير تختلف حسب خصائص مصدر المياه.
اخطار مختلفة الامد
* ماهي الاخطار التي تنجم عن استهلاك مياه غير صالحة للشرب؟
ـ هناك العديد من الاخطار التي تنجم عن استهلاك مياه غير صالحة للشرب والتي تقع مسؤولية مواجهتها على المسؤولين المحليين والجهات ذات العلاقة وتقسم هذه الاخطار الى عدة انواع الاخطار القصيرة الامد فتناول كوب واحد من المياه المشكوك فيها يمكن ان يعرض شاربه على الغالب لخطر جرثومي قصير الامد ولابد من توفير الحماية الدائمة من هذا الخطر بلا انقطاع اما الاخطار المتوسطة الامد والطويلة الامد فانها ترتبط باستمرار استهلاك المياه الملوثة كيميائياً اسابيع او شهور او سنوات في بعض الاحيان ولاتخفى ضرورة اخذ هذه الاخطار في الحسبان لكن دون ان يكون ذلك على حساب الحماية من الاخطار القصيرة الامد.
* هل هناك قواعد محددة تضمن توفر مياه صالحة للشرب مع ضمان جودتها من الناحية المكروبيولوجية؟
ـ تعطي منظمة الصحة العالمية اولوية لثلاث من القواعد البسيطة وهي الحصول على المياه من افضل الموارد الممكنة والاستفادة من جميع الوسال المتاحة لحماية موارد المياه وضمان تطهير المياه بصورة دائمة والتطبيق المستمر لهذه القواعد يضمن حماية السكان من الامراض المنقولة بالماء.
* متى تنتهي قدرة (الممرضات) على الحياه والبقاء في الماء؟
ـ تعتمد قدرة الممرضات على الحياة والبقاء في الماء على عدة متغيرات هي نوع الجرثومة ودرجة حرارة الماء ومدى توفر الغذاء لها ودرجة الحموضة والتركيب الكيمياوي للمياه وان بعض الاحياء الدقيقة المسببة للامراض لها القدرة على البقاء على قيد الحياة في المياه لسنوات عديدة ومنها مايعيش لعدة ايام ولذا يتوجب الاخذ بعين الاعتبار ان للماء القدرة على ان يكون حاملاً لهذه الممرضات لذا يجب تطهيره دوماً.
الحدوث المفاجىء للاوبئة
* ماهي الامراض ذات العلاقة بالمياه؟
ـ من الامراض المنقولة غالباً بواسطة المياه كالكوليرا والتيفية / التيفوئيد التهاب الكبد الفيروسي صنف (A) وداء الجيارويات وداء الاميبيات وداء التنينات وهناك امراض ذات علاقة بقله النظافة الشخصية (شحة المياه) كالزهار العصوي والاسهال المعوي وحمى نظيرة التفيه والدودة الدبوسية وداء الاميبيات والجرب وتسمم وتعفن الجلد والقرحة والقمل والتيفوس والتراهوما والتهاب الملتحمة في حين هناك امراض ذات علاقة بالاصحاح غير الملائم كالديدان الشعرية والاسكارس وداء الصفر وداء شعرية والذيل والدودة الشصية الانكلستوما والفتاكة وهناك امراض يقضي الطفيلي فيها جزءاً من دورة حياته في المياه/ الطفيليات كداء المنشقات والبلهارزيا اما داء التنينات (الدودة الغينية) فهي من الامراض التي يقضي الناقل فيها جزءاً من دورة حياته في المياه وكذلك الملاريا.
* ماهي اثار المكروبات الناجمة عنها تلك الامراض المنقولة بالمياه على الصحة؟
ـ تنجم الامراض المنقولة بالمياه عن العديد من المكروبات وقد كانت السلامونيلا والشقيلة هي اول ما عرف من الجراثيم المسببة لهذه الامراض ثم عرفت بعدها كائنات اخرى مثل (روتافيروس) والعطائف او الطفيليات مثل الجياردية وتعد غالبية هذه الاضطرابات التي تسببها هذه الجراثيم متوسطة الخطورة وتتمثل غالباً في الالتهاب المعدي المعوي المصحوب باسهال او الام في البطن او قيء وعادة ماتكون هذه الاضطرابات قصيرة الامد ويمكن ان تصيب بعض الافراد او جماعات كاملة بحسب عدد او نوع الجراثيم الموجودة بالماء وبالاضافة الى هذه الاوبئة.
تحدث احيانا امراض منقولة بالماء اشد خطورة بكثير اذ تتحدد خطورة العدوى بنمط الجرثومة وطريقة انتقالها والحالة العامة للمريض فالاطفال الصغار والمسنون وعديمو المناعة والمرض هم الاكثر تعرضاً لهذه الاخطار ويعتبر الحدوث المفاجئ للاوبئة في المجتمعات التي تكثر فيها هذه الفئات السكانية مثل (دور الحضانة والمدارس والمستشفيات) بمثابة نذير للسلطات المختصة ويمكن ان تحدث العدوى بسبب شرب الماء الملوث مباشرة او استخداماته اليومية في الطهو والاغتسال او الاستنشاق.
خصائص المكروبات المائية
* هل للمكروبات المائية خصائص تميزها عن الملوثات الكيمياوية؟
ـ تتصف العوامل الممرضة وهي الكائنات التي يمكن ان تسبب المرض) بعدة خصائص فهي عادة ماتكون بصورة جسيمات وليست بصورة ذائبة في محلول او بصورة معلق حر او تتراكم على المواد المعلقة في الماء ولايتوقف احتمال الاصابة بالعدوى على متوسط تركيز المكروبات في الماء فحسب بل كذلك على قدرتها على اختراق الجسم وعلى الحد الادنى للجرعة المسببة للعدوى وعلى درجة مناعة الفرد وتتكاثر الجراثيم الممرضة في جسم الحملة عند حدوث العدوى وهذا لاينطبق على الملوثات الكيميائية وليس هنالك مفعول تراكم عبر الزمن لجرعة المكروبات الممرضة اذ يكفي التعرض مرة واحدة لمكروب ممرض فيحدث المرض وهذا يختلف عن اثر العديد من المواد الكيميائية لذا في ضوء هذه الخصائص لايمكن تحديد مستوى ادنى للجراثيم يمكن للجسم تحمله دون مرض فيتعين اذن ان يخلو الماء المخصص للاستهلاك البشري او لاعداد الطعام او للنظافة الشخصية من اي عامل ممرض.
* كيف تتم مراقبة مياه الشرب وتحري جميع المكروبات؟
من المستحيل نظرياً وتقنياً ومالياً تحري جميع المكروبات التي يمكن ان تسبب الامراض المنقولة بالماء في مياة الشرب وذلك لصعوبة التعرف روتينياً على هذه المكروبة عن طريق المختبرات المسؤولة عن مراقبة مياه الشرب واستحالة عزل بعض المكروبات باستخدام طرائق التحليل المتاحة حالياً وعدم انتظام وجود الجراثيم الممرضة في المياه المخصصة للاستهلاك بشكل عام وقد يكون من المناسب تحريرها بصفة دائمة لضمان انعدام الضرر من الماء غير انه لاتتوفر حالياً طرائق لاجراء هذا التحليل بصفة دائمة بالاضافة الى التأخر في الحصول على نتائج تحليل المياه لوقت طويل مؤدياً الى ضعف المراقبة الفعالة لجودة المياه وبالتالي حماية المستهلك بصورة مقبولة حتى وان توفرت الطرائق والامكانيات المناسبة ولذلك فقد اضطر المسؤولون عن الصحة العامة للجوء الى طرق غير مباشرة لتحديد سبب تلوث الماء مثل المؤشرات او الجراثيم الدالة على التلوث بالبراز اذ تاتي غالبية الجراثيم الممرضة المنقولة بالماء من البراز كذلك ينصب الاهتمام في مكافحة الجراثيم على تحديد الجراثيم الدالة على التلوث اكثر من غيرها ويجب ان تتوفر في هذه الجراثيم صفات خاصة كأن تكون ممرضة بدرجة قليلة او غير ممرضة على الاطلاق وان يكون الكشف عنها سهلاً وسريعاً وبتكلفة معقولة وان تقاوم االمعالجة الفيزيائية الكيميائية (كالترسيب والتطهير والترشيح) مثلها في ذلك مثل الجراثيم الممرضة وهذه الخاصية الاخيرة تتيح الفرصة على وجه الخصوص لتقييم فعالية خرق معالجة المياه للقضاء على هذه المكروبات وتمثل الجراثيم القولونية التي تتحمل الحرارة والتي يشيع تسميتها خطأ بالقولونيات البرازية او الاشيريكية القولونية (E. COLi) المؤشر المرجعي المقبول عموماً بالاضافة الى ذلك تستخدم مجموعات اخرى من الجراثيم كاجمالي القولونيات والمضنية المختزلة للسفيلت كمؤشر على نجاح المعالجة اذ يعد وجود القولونيات البرازية في المياه دليلاً على التلوث وبالتالي على وجود خطر كامن ويعتبر الماء في هذه الحالة غير مطابق للمعايير الصحية وغير صالح للشرب ويتعين على السلطات المحلية في هذه الحالة ان تبادر الى اجراء دراسات عن المكروبات باستخدام تحاليل تقنية خاصة ويعتبر الماء مطابقاً للمعايير الصحية اذا خلا تماماً من الجراثيم الدالة على التلوث بالبراز ويكون صالحاً للشرب من الناحية المكروبيولوجية وقد كان من بين الاهداف الصحية العمومية الرئيسية خلال العقود الماضية مكافحة الامراض المعدية المنقولة بالماء ومايزال ذلك هدفاً رئيسياً في بعض البلدان ويتطلب تحقيق هذا الهدف حلولاً تقنية مختلفة مثل تطهير الماء الذي يعتبر اكثر فعالية وانتشار نسبة الكلور الحر المتبقي (5, 0 ملغم ـ 5 ملغم / لتر ماء) صالح للشرب.